زهرة اللوتس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الملك وامير الجان

اذهب الى الأسفل

الملك وامير الجان Empty الملك وامير الجان

مُساهمة من طرف sara الجمعة ديسمبر 21, 2007 1:21 pm

في يوما من أيام أحد شهور سنة من السنين ؛ وقف ذاك الشاب بين مفترق طريق ؛ والليل قد غطى بديجوره كل مكان ؛ لم يكن أحد يجرأ على الخروج في هذا الجو العاصف الذي يخالطه صوت صفير الريح فيضفي على المكان حالة من الخوف الغريزي ؛ فالكل نائما والكرى يفرض سلطانة على كل أهل القرية الصغيرة
علامات الحزن والتعب والأرق بادية على وجهة المكفهر بسواد الليل ؛ بماذا يا ترى يفكر هذا الشاب ؟؟ ما الذي أجبره على الخروج في وقت كهذا من منتصف الليل ؟؟ ثم ما تلك الهموم التي أناخت هامته حتى جعلته أشبه بدمية بشرية لا حقيقة فعلا
طال وقوفه للحظات هما بعدها بالتحرك صوب أحد الطرق ؛ وقد تحرك فعلا بخطوات مثقلة بالهموم وبين خطوة وأختها برهة من الزمن مملة لا يشعر بها إلا رجليه المتعبة من عناء الخوض في وحل الشتاء ؛ لا شيء يسمع لحظتها سوى طقطقة نعليه على قارعة الطريق هذا إن هدأت الريح للحظات ،، ظل يمشي ويمشي ويمشي إلى أن وصل إلى نهاية الطريق أو كما تصور هو ؛ فأقفل راجعا بعدما عجزت رجليه عن حملة وما أن استدار ليعود ادراجه حتى لمح شبح من بعيد ‍‍‍‍‍!!! تسمر في مكانة دون حراك وذاك الشيء القادم نحوه يقترب شيء فشيء ؛ حاول جاهدا أن يتبين ما هيت القادم نحوه ولكن الظلام حال دون ذلك
لم يشعر بالخوف يوما مثلما شعر لحظتها ؛ دب الأدرينالين في عروقه تحسبا لما قد يحدث فاستدار للجهة الأخرى شادا الخطى في نفس الطريق الذي كان يسلكه من قبل موهما ذاك الشبح بأنه لم يراه )) توقف ))
كلمة أتته كصاعقة سمرته في مكانه كصنم من حجر ؛ أنعقد لسانة مائة عقدة لم يقدر أن ينبس ببنت شفه ؛ آتاه الصوت من جديد ((( لا تلتفت للخلف أبدا ؛ فقط قف كما أنت )))
فأنصاع للأمر دون مناقشة وكأنه عبدا وهو الملك ؛سأله ذاك المجهول ((الست أنت من يقال عنه الملك )) وبلسان متلعثم أجاب (( نعم أنا هو ))
جاءه الصوت من جديد حاملا في مغزاه تهديدا شديد اللهجة لا تسألني من أكون ؛ ولا تحاول الالتفات لتراني لأنك إن فعلت فستفقد الكثير من الأمور التي لم تتمنى يوما أن تفقدها ؛ دعني أحاورك من خلف ستار أنا من أضعه ألان بيني وبينك ؛ عدني بهذا آيها الملك ؟؟!! … أعدك يا…
وسكت مجبرا على السكوت فهو لا يعرف مع من يتحدث
مرة فترة زمنية وهما على هذا الحال والصمت يطبق عليهما إلى أن كسره المجهول قائلا
آيها الملك ؛ ما الذي أجبرك على مغادرة فراشك والخروج في جوا عاصفا كهذا ؛ لماذا الكل نائما وعيونك تأبى النوم .
تشجع الملك هذه المرة بعدما هدأت نفسه وأطمئن لمحدثة فقال بصوت متهالك
انه الأرق يا هذا الذي لا يكف عن ملازمتي دائما ألم تسأل نفسك لماذا أنت دون العالمين
بلى… وماذا كان الجواب
لم أنال أي جواب بعد لماذا أسميت نفسك الملك وأنت منذ ولادتك تحمل اسم ….؟؟
لأني اشعر بأني ملك على نفسي وعلى مبادئي ولم أعتلي عرش غير عرشي ولكني أعرف حقيقة غير الذي نقول
ما الذي تعرفه
أعرف بأنك مغرور ومتكبر وكنت مترفع عن الحب ترفع الثريا في السماء بل وكنت تدوس على قلوب من أحببنك بصدق المشاعر وبذلك أصبحت ملك على مملكة أنت من صغت بنيانها فحكمتها
لا هذا افتراء وكذب
أذن فما بال قلوب عذارى تتلوع آلم وحسرة عليك ؛ وما بال أصدقاء يقدمون إليك ولائهم لكسب صداقتك وأنت تترفع عنهم
ليس ذنبي أن يحبني الناس ؛ وثقتي بالأصدقاء مهزوزة من اليوم الذي قررت في الانزواء عنهم
حسنا أيها الملك ؛ فما بال عرشك قد بدء بالاهتزاز من قال هذا ؟؟ عرشي صامدا وأنا ما زلت ملكا عليه
دعك من غرورك أيها الملك ؛ وأعترف بأنك خضعت للحب أخيرا ؛ وبخضوعك يخضع عرشك معك
مستحيل أن يكون هذا فقلبي لا يعرف الحب ولم يعرفه يوما
فما تفسيرك لحالة الأرق التي أنت فيها ؟؟؟
لا شيء لا شيء مجرد صعوبة في أيجاد طريقة مريحة للنوم
أظنك بأن كل أهل قريتك قد وجد تلك الطريقة التي تدعي
حاول أن يرد بأنه لا يكذب عليه ولكن ذاك المجهول أستبق دفة الحديث قائلا :
أنت كاذب أيها الملك
طار صوابه لحظة سماعة وهو ينعته بالكذب ؛ فتحرك مستديرا إليه ليلقنه درسا ولكنه سمعه يقول الوعد أيها الملك الوعد !! فقد وعدتني بعدم الاستدارة نحوي لرؤيتي ؛ أليس كذلك ؟
هدأت نفسه قليلا وتمنى لو لم يكن وعده بشيء
وأستطر ذاك المجهول قائلا
أنت كاذب أيها الملك ؛ فأنا اعرف عنك كل شيء ؛ أعرف عن كبريائك التي لا ترضى لها المهانة في سبيل الحب وغيره ؛ وأعرف بأنك كنت تدرك تماما بأنك محط أنظار جميع فئات البشر فتعاليت عليهم وكأنك مخلوق من نور !!
وتماديت في غيك وأعمتك بصيرتك الحمقاء فكنت تتمتع وأنت ترى القلوب تهفو إليك !! ولكنك ألان أصبحت صريع الحب الذي كنت تنصب الكمائن به لتتصيد القلوب والاهتمام )))
لا أرجوك كفى أنا لست كذلك …
أصمت أيها المغرور ؛ ودعني اكشف لك حقيقة نفسك التي تحاول أن تظهر عكسها ؛ أنت متيما بالحب عاشقا لمن اختاراها قلبك رغم أنف كبريائك ومبادئك ؛؛ لا تنكر هذا أيها الملك فأنت ألان في عداد العشاق والمحبين ؛ أنت لست ملكا كما كنت ؛ لست الملك الذي لا يهتز قلبه بحب أحد ولا تطرف عيناه شفقة بأحد .. تنازل عن مبادئك وشيء من كبريائك لتعيش كما يعيش الذين سكن الحب فؤادهم ؛ وذهب إلى حيث يرتاد العاشقون فأنت عاشقا مثلهم كانت كلماته كأسهم تصيب منه كل مقتل فيه ؛ فبدأ الملك يتهاوى على ركبتيه وهو يتلفظ بكلمة أصبحت لا تجدي نفعا لا لا لا
لحظات طويلة دامت بين الاثنين ؛ والملك جاثما على ركبته مطأطئا رأسه للأرض ؛ والمجهول واقفا خلفة بجمود المشاعر تاركا له الحرية للتعبير عن ما يجول في نفسه
أتحبها أيها الملك
جاءه سؤاله يحمل بين طياته الشفقة والرأفة لحال هذا الإنسان الذي يكاد يفترش الأرض .. أجابه بحرقة من هي
حبيبتك …
تعجب الملك كيف له أن يعرفها وهو الذي أعتاد أن يخفي أسراره في صدره ؛ ولكنه لم يجد مناص من الإجابة على سؤاله فهو على ما يبدو يعرف الكثير
نعم أحبها أيها المجهول أحبها بجنون
ولماذا لا تعترف بالحب أيها الملك ؛ لماذا تجعل من الاعتراف الحب عيب في شرعك ودستورك ؛ لماذا تحكم على الحب بالإعدام في مهده قبل أن يرى النور !!!
سيدي الملك … الحب أسمى المشاعر التي أنعم الله بها على البشر وكافة المخلوقات في الأرض ؛ الحب رونق الحياة وبلسمها فلماذا تكتمه في صدرك لماذا .. لماذا ؟؟؟
لم يجد الملك في جعبته أي رد لكلام المجهول ؛ الذي سارعه بسؤال غريب نوعا ما ؛ أتريد أن تراها أيها الملك
لم يتردد للحظة فأجابه بشغف نعم أن كان ذلك ممكنا
حسنا أيها الملك ؛ ولكن لا تلتفت حتى أقول لك ذلك
شعر بأن ذاك المجهول يقترب منه حتى كاد أن يلاصقه تماما !! فهمس بأذنه بصوت أنثوي أعتاد الملك أن يسمعه حتى كادت أن أنفاسه تلاعب خصلات شعره أنا من تحبها أيها الملك أنا … ومع انتهائها من كلماتها التي زلزلت الأرض من تحت رجليه حتى ومض برق أضاء المكان بأسره ؛ تبعه صوت رعد كسر الصمت في القرية النائمة !!!
ألتفت أيها الملك ومع التفاتاته لم ينقطع وميض البرق للحظة فوجد أمامه فلقة من قمر ؛ لا يفصل بينه وبينها سوى بضع خطوات تعد بأصابع اليد ؛ كانت آية في الجمال ؛ بل أن الجمال بقى مشردا في الأرض إلى توطن في شخصها وصورتها
أخيرا رآها أمامه دون حاجز أو مسافة ؛ نسى ما به من تعب وأحزان ؛ ونسى أيضا بأن من يحدثه قبل لحظات كان ذو صوت خشن لم يسمعه من قبل ؛ نسى أن يطلب تفسيرا للذي جرى منذ ألتقاه لأول مره !!! عيناه لم تفارق عيناها للحظة وقلبه يخفق بعنف ولهفة ؛ لم يكترث لما سيحدث ! فتح ذراعية بشغف بغية احتضانها ؛ وما أن هم بذلك حتى اختفت من أمامه وكأنها شبح أو طيف من خيال ،، عاد أليه رشده ؛ والخوف يملئ جوانحه مما رأى وشاهد بأم عينيه ؛ كانت أمامه وفجأة تختفي ؟؟؟ أي سحر هذا الذي يواجهه أتاه صوتها من مكان لم يعرف أين ؟
أيها الملك لست أنا محبوبتك ؛ بل أنا أميرة بنت ملك الجان ؛ تصورت في هيئة ذاك الرجل الذي حادثك ولامك على ترفعك عن الحب ولو أنك ألتفت لتراني قبل أن اسمح لك لصعقت ومت من ساعتك ؛ وتصورت على هيئة حبيبتك لكي أعرف هل أنت فعلا تحبها ؟ وها أنت أيها الملك اعترفت بحبك لها ؛ فلم يبقى لي سوى أن ارحل عن دنياك بعدما عرفت كم تحبها ؛ لأني يا سيدي الملك أحبك أيضا ولكن لا مجال في قلبك لأحد غيرها ؛ الوداع أيها الملك ،، اختفى صوتها للأبد ؛ ومعه أختفي بريق عيني الملك ونبض فؤاده فهوى على الأرض ؛ ومع تنفس الصبح وجد الملك ملقيا على قارعة الطريق جثة هامدة ؛ وأعلن الحداد في القرية الصغيرة دون أن يدركوا سر موته سوى شائعة ترددت هنا وهناك مات الملك بنوبة قلبية … رحمه الله
sara
sara

عدد الرسائل : 96
العمر : 26
تاريخ التسجيل : 13/10/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى